الشركات الصغيرة والمتوسطة تستثمر في التقنيات الحديثة لتحقيق النمو
بقلم: جيرهارد هارتمان- نائب رئيس المشاريع متوسطة الحجم في سايج الشرق الأوسط وإفريقيا
تساهم التكنولوجيا في تحسين حياة أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة بشكل ملموس. فبعد أزمة وباء كوفيد-19، بادرت الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى تسريع خطط الأعمال الخاصة بها لتشمل الإنفاق على التقنيات الحديثة.
ووفقاً لتقرير صادر عن مبادرة “موطن ريادة الأعمال” التابعة لوزارة الاقتصاد في الإمارات، كانت الشركات الصغيرة والمتوسطة التي سخّرت التقنيات الرقمية أكثر قابلية لإيجاد فرص أعمال جديدة خلال الوباء بمعدل الضعف مقارنة بالشركات الأخرى الأقل استخداماً لتلك التقنيات. وكشفت دراسات أخرى أن الرقمنة ساهمت في تعزيز مرونة الأعمال على المدى البعيد وزيادة الأرباح قبل احتساب الفوائد والضرائب بمعدل يتراوح بين 12 إلى 20 بالمائة خلال العام الأول من استخدام التقنيات الرقمية، وأنها عززت سرعة دخول الأسواق بمعدل يتراوح بين 40 إلى 50 بالمائة.
وتنعكس هذه النتائج أيضاً في أكبر دراسة عالمية أجريت بتكليف من سايج، تحت عنوان “شركات صغيرة، فرص كبيرة؟”، والتي ركزت على تلك الشركات التي تمثل أكثر من ملياري فرصة عمل و44 ترليون جنيه أسترليني من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وتشير الدراسة إلى أن مستويات الثقة مرتفعة لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث تتوقع 81% من تلك الشركات العودة إلى معدلات أرباح ما قبل فترة الوباء خلال الاثني عشر شهراً القادمة، في حين تتوقع 46% من تلك الشركات استقطاب مزيد من الموظفين في العام الحالي.
تعمل الشركات الصغيرة والمتوسطة على تخصيص ميزانيات كبيرة لتكنولوجيا المعلومات والتقنيات الرقمية خلال الأشهر القادمة، وذلك بهدف الاستثمار في تطوير مواقعها الإلكترونية وتحديث معداتها الحوسبية وزيادة الإنفاق على التجارة الإلكترونية والتسويق الرقمي وبرامج إدارة علاقات العملاء. وتعكس هذه الجهود ثقتها المتزايدة في التعافي الاقتصادي على الرغم من الأزمة الأوكرانية وأسعار الوقود المرتفعة وتداعيات الوباء.
لقد أصبح هناك إدراك متزايد بأن الاستثمار في التقنيات الذكية سيولّد عوائد مضاعفة عبر تمكين الشركات من خفض التكاليف وتحسين الأرباح وزيادة الإيرادات الإجمالية. وكما شهدنا خلال فترة الوباء، كانت التكنولوجيا الحديثة عنصراً أساسياً في تعزيز مرونة الشركات الصغيرة والمتوسطة ومساعدتها على تجاوز فترة الجائحة الصعبة. وبحسب استبيان أجرته شركة “آرثر دي ليتل” حول الشركات الصغيرة والمتوسطة في الإمارات، قال 76% من المشاركين إن الرقمنة ساعدت على استقطاب عملاء جدد، بينما قال 65% إنها حققت وفورات في التكاليف، وأشار 50% إلى أنها ساعدت على فتح أسواق جديدة. كما أشارت الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى منافع أخرى من الرقمنة مثل تحسين تجربة العملاء، وزيادة المرونة، وتحقيق قيمة مستدامة للعملاء، والتميز عن الآخرين. وكانت معظم هذه الفوائد بين أوساط الشركات متوسطة الحجم والشركات التي حققت مستويات أعلى في النضج الرقمي.
يكمن أحد العوامل الأخرى في تسريع وتيرة تبني التقنيات الرقمية في أن التقنيات السحابية ونماذج البرمجيات كخدمة (software-as-a-service models) تخفض التكاليف الأولية بشكل كبير، وتقلل من وقت التنفيذ ومخاطر إطلاق تطبيقات وأنظمة تكنولوجية جديدة. لكن ينبغي أن تركز الشركات الصغيرة والمتوسطة على استغلال استثماراتها التقنية بشكل مقنع وناجع لكي تتمكن من تحقيق قيمة حقيقية من هذه الاستثمارات.
ليس الهدف هو مجرد الإنفاق على التكنولوجيا الحديثة، بل تحقيق نتائج محددة. إليك ستة أسباب رئيسية تدفع الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى الاستثمار في تحسين قدراتها التقنية:
أتمتة العمليات الروتينية
يجب أن تتحلى الشركات الصغيرة والمتوسطة بالكفاءة والمرونة، خاصة وأنها تعمل في سوق متقلبة تحت ضغوط كبيرة بسبب التضخم. وتساعد عملية الأتمتة تلك الشركات على تركيز مواردها البشرية في الأمور الاستراتيجية وخدمة العملاء والمجالات الأخرى ذات القيمة المضافة، وأتمتة العمليات الروتينية. وإن التخلص من الطرق اليدوية التقليدية والمضيعة للوقت وغير الدقيقة في حفظ السجلات المالية، على سبيل المثال، يتيح مزيداً من الوقت للموظفين ويحسن الدقة والاتساق.
رؤى الأعمال تعزز النمو
تتيح التكنولوجيا المبتكرة للشركات الصغيرة والمتوسطة ميزات المرونة والكفاءة والاطلاع الكافي لإدارة الشؤون المالية والعمليات والموظفين. وبإمكان تلك الشركات استخدام البيانات الفورية المستقاة من الموارد البشرية وقوائم الرواتب ومنصات المحاسبة للحصول على رؤية دقيقة لأداء الأعمال وتوقع التوجهات المستقبلية وتحسين الأرباح.
تعزيز مرونة الشركات الصغيرة والمتوسطة
يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة التكيف بشكل أفضل مع المتغيرات عند استخدام التكنولوجيا المناسبة. فمثلاً، تساعد التقنيات السحابية الحالية على العمل من أي مكان، وتتيح نماذج التجارة الرقمية استمرار العمل خلال الأزمات والأوقات الصعبة مثل الوباء. كما تساعد التكنولوجيا على توقع التهديدات والمخاطر التي تواجه الأعمال والاستجابة لها، وهي ضرورية لضمان الامتثال للقوانين واللوائح الضريبية.
تغيير طريقة استقطاب الموظفين وإدارتهم وإشراكهم
علاوة على تبسيط العمليات اليدوية، تساعد أنظمة الموارد البشرية وأنظمة الرواتب على تغيير تجربة الموظفين لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة. وبالنسبة إلى الشركات التي تطمح للابتكار في التعامل مع الموظفين، فإن دمج أنظمة الموارد البشرية وأنظمة الرواتب سيوفر تجارب خدمة ذاتية تساعد على تمكين الموظفين. وبذلك سيتمكن الموظفون من استخدام الخدمة الذاتية على أجهزتهم الذكية أو حواسيبهم لمراجعة معلوماتهم وتحديثها، والنفاذ إلى كشوف المرتبات، وتقديم طلبات الإجازات وغيرها.
الاستعداد للرخاء والشدة
لقد أكدت فترة الوباء على أهمية استخدام الشركات الصغيرة والمتوسطة لأنظمة تكنولوجيا معلومات محدّثة ومرنة.
ويمكن للتقنيات المناسبة أن تعزز من إمكانات النمو وأن تساعد الشركات على استغلال فرص الأعمال الجديدة. كما يمكنها أن تساعد الشركات على مجابهة المتغيرات المفاجئة في بيئاتها التشغيلية. ومع خروجنا من أزمة الوباء، أصبح الوقت مناسباً لكي تطبق الشركات الصغيرة والمتوسطة التحديثات التقنية اللازمة، مثل تبني التقنيات السحابية والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.