روبوتات دقيقة تحمل الدواء إلى موضع الداء داخل جسمك
من المحتمل أن تكون قد شاهدت فيلم الخيال العلمي الشهير “رحلة رائعة” (Fantastic Voyage) -الصادر عام 1966- الذي تقلص فيه حجم بعض الأشخاص إلى مستوى مجهري حتى يتمكنوا من الولوج إلى دماغ أحد العلماء المصابين بجلطة دماغية أملا في علاجه.
ولكن، هل تعلم أن هذا لم يعد اليوم من ضروب الخيال العلمي؟ إذ إن العلماء استطاعوا تصميم روبوتات دقيقة تستطيع الإبحار داخل الجسد لإيصال الدواء إلى مناطق الداء.
روبوتات دقيقة
تستطيع بعض الأدوية استهداف مناطق الألم. غير أن هناك بعض الآلام التي لا تستطيع الأدوية الوصول إليها. ولذا، فإن الباحثين في مجال الطب الحيوي بدؤوا في السنوات الأخيرة بالبحث عن طرق أكثر فاعلية لتوجيه الأدوية إلى مناطق الألم، حتى يتمكنوا من علاج الأمراض الأكثر تعقيدا مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية.
وتعتبر الروبوتات المليمترية (Millirobot) من بين أحدث التطورات التي شهدها مجال الطب الحيوي الموجه، فبفضل قدرتها على التجول والسباحة والدوران في الأماكن الضيقة أثناء توصيلها للدواء، فإن هذه الروبوتات الدقيقة -التي تكون بحجم أطراف الإصبع- تَعد بمستقبل جديد في مجال الطب.
وحديثا استطاع باحثون في جامعة “ستانفورد” (Stanford University) الأمريكية -بقيادة ريني تشاو- تطوير عدد من الروبوتات المليمترية بما في ذلك روبوت مغناطيسي زاحف أمكنه مؤخرا الولوج عبر المعدة.
روبوتات مغناطيسية ذاتية الحركة
وبحسب الدراسة التي نشرت في دورية “ساينس أدفانسز” (Science Advances)، فإن الروبوتات المزودة بمجالات مغناطيسية -التي طورها فريق تشاو البحثي- تستطيع التحرك بشكل متواصل. كما يمكن تعديل المجال المغناطيسي لهذه الروبوتات للتحكم في كيفية حركتها.
وتمكنت هذه الروبوتات من اختيار حالة الحركة المناسبة لها بشكل ذاتي، كما أمكنها تخطي العوائق داخل الجسم. إضافة لذلك، فقد استطاعت هذه الروبوتات -في كل مرة- الوصول إلى مسافات تقدر بـ10 أضعاف طولها، وذلك بتغيير قوة واتجاه المجال المغناطيسي.
وفي دراسة حديثة نشرت في دورية “نيتشر كوميونيكيشنز” (Nature Communications) في 14 من يونيو الماضي، استطاع الفريق تطوير روبوت بحجم 7.8 مليمترات بطبيعة برمائية؛ يمكنه السباحة في الماء أو التنقل على التضاريس. ومن ثم فإن روبوتا كهذا يعد مفيدا للغاية للاستخدام في توصيل الدواء في البيئات الهجينة داخل الجسم؛ كما هو الحال في الجهاز البولي والجهاز الهضمي.
ويتكون هذا الروبوت الصغير من غشاء رقيق من مادة “البولي بروبيلين” والذي يُطوى مكونا شكلا أسطوانيا مجوفا ذا جدار من مثلثات مطوية، وقاعدته عبارة عن لوحة مغناطيسية.
وطبقا للتقرير الصحفي الذي نشرته جامعة “ستانفورد” تعقيبا على الدراسة، يقول الفريق إن هذا الروبوت هو “أقوى روبوت متعدد الوظائف قمنا بتطويره حتى الآن”.
فاعلية أكبر في توصيل الدواء
ويستطيع هذا الروبوت اللاسلكي الدوران. فوفقا لما ذكرته تشاو، فإن “الكيفية التي يُطوى بها الروبوت تمكنه من أداء حركات معينة. فعندما يطوى كالأكورديون، فإنه يضغط على الدواء بداخله”.
إضافة لذلك، فقد نظر الفريق في الكيفية التي تؤثر بها الأبعاد الدقيقة لكل طية على حركة الروبوت. وقد منحت هذه الاعتبارات أفقا أوسع للباحثين مكّنهم من الاستفادة من الخصائص الفيزيائية للروبوت دون إضافة العديد من الموارد.
وتشير تشاو إلى أنه “كلما زادت الوظائف التي يمكن تحقيقها من بنية واحدة، كانت العملية الطبية أقل توغلا وضررا على الجسد”.
وهناك بعض الميزات الهندسية الأخرى في تصميم الروبوت، إذ يساعد الثقب الطولي في مركز الروبوت وكذلك الشقوق الجانبية في تقليل مقاومة الماء، مما مكن الروبوت من السباحة بشكل أفضل.
وتذكر تشاو أن هذا التصميم “يوفر نوعا من الضغط السلبي مما يساعد الروبوت على السباحة السريعة، وفي نفس الوقت يمكن الروبوت من شفط والتقاط البضائع لنقلها”.
وبالتالي، فإن روبوتات كهذه لن توفر فقط طريقة سهلة لتوجيه وتوزيع الأدوية بشكل فعال، بل يمكن استخدامها لحمل بعض الأدوات الدقيقة أو الكاميرات المجهرية إلى الجسم.
تعليق واحد