مقالات

كيف يمكن للبنوك والمؤسسات المصرفية تقديم تجارب رقمية متصلة ومتسقة

بقلم: عمرو المصري- المدير الإقليمي لشركة جينيسيز الشرق الأوسط

ألقت جائحة كوفيد بظلال كبيرة ودائمة على كيفية تفاعل العملاء مع البنوك التي يتعاملون معها، وأسهمت بدور أساسي في تسريع وتيرة اعتماد الخدمات المصرفية الرقمية، فقد أصحبت الخدمات المصرفية عبر الإنترنت تحظى اليوم بأهمية كبيرة مع حرص أعداد متزايدة من العملاء على استخدام الخدمات المصرفية الرقمية لتحويل الأموال والتسوق عبر الإنترنت. وأشارت دراسة استطلاعية حديثة أجرتها شركة “إنتراست، إلى أن 77% من المستهلكين في المملكة العربية السعودية و61% في دولة الإمارات العربية المتحدة، أكبر اقتصادين في العالم العربي، يفضلون الخدمات المصرفية الرقمية.

وتأتي الاستجابة الفورية عند الطلب على رأس قائمة رغبات وأولويات العملاء. لذا، يفضل الكثير من عملاء البنوك استخدام خدمة الدردشة أو الرسائل النصية القصيرة أو تطبيقات المراسلة أو البريد الإلكتروني عوضاً عن الاتصال بالهاتف أو زيارة الفرع المحلي للبنك.

وبالتالي، يتوقع معظم العملاء الحصول على تجربة متناسقة ومتناغمة عند القيام بالمعاملات المصرفية عبر جميع القنوات الأساسية، ما يعني أنه يمكنهم بدء محادثة باستخدام قناة واحدة مثل الدردشة الإلكترونية، ثم المتابعة عبر مكالمة هاتفية أو بريد إلكتروني، متوقعين قيام البنك الذي يتعاملون معه بمتابعة هذه العملية. وبدلاً من بدء هذه المحادثة من الصفر في كل مرحلة، يجب أن يتمتع فريق تجربة العملاء بالبنك بمعرفة واسعة لما تم مناقشته أو الاتفاق عليه، فضلاً عن الخطوات الفورية التالية التي يتعين اتخاذها.

وبالرغم من أن قنوات الخدمة المتعددة والخدمات الرقمية لا تعتبر من الخدمات الجديدة على البنوك، إلا أن العديد من المؤسسات المصرفية قد بذلت جهوداً كبيرة لمواكبة التغيرات السريعة الناجمة عن أزمة الوباء وما أفرزته هذه الأزمة من زيادة في حجم الطلب على الخدمات المصرفية الرقمية. وقد أسفر النشر العشوائي للتكنولوجيا عن تجارب استخدام منعزلة عبر الصوت والخدمات الرقمية. كما واجهت البنوك الكبيرة أيضًا مشكلة تقديم تجربة متناغمة عبر جميع خطوط الأعمال والمواقع الجغرافية، الأمر الذي يؤكد الحاجة الماسة لتطوير استراتيجية رقمية شاملة. ويجب على البنوك أيضاً التكيف مع احتياجات العملاء، وتقديم تجارب عملاء هادفة وشخصية إذا أرادت هذه البنوك خلق علاقات طويلة الأمد وتعزيز مستويات الولاء في المجتمعات التي يعملون ضمنها.

وبالتالي هناك ثلاثة عناصر أساسية يجب اعتمادها عند تنفيذ استراتيجية الخدمات المصرفية الرقمية لتحقيق أعلى قدر من النجاح:

  • وضع العميل في صميم عملية التحول الرقمي

إن تنفيذ قنوات جديدة يمثل إشكالية بارزة عند نشر استراتيجية رقمية، إذ تتطلب هذه العملية عقلية مختلفة. وغالباً ما تفشل عمليات النشر الرقمية الجديدة عندما يتم اعتمادها استناداً إلى الأهداف الداخلية للمؤسسة عوضاً عن توقعات العملاء.

إن استخدام تقنيات التصميم التي تتمحور حول العميل تضع المستخدمين في صميم عملية التحول الرقمي، الأمر الذي يمكّن البنوك من التركيز على تقديم تجارب عملاء سلسة ومتناغمة عبر مختلف قنوات الخدمة.

يمكن للبنوك الاستفادة من التكنولوجيا السحابية لنشر حلول مشاركة رقمية قادرة على إعادة تصور ورسم ملامح تجربة ومتطلبات العملاء والموظفين، وبالتالي تمكينهم من استبدال التقنيات المختلفة بحلول قابلة للتوسيع والتطوير.

  • تسخير التكنولوجيا السحابية للارتقاء بتجارب العملاء

بُعد تحديد تقنيات المشاركة الرقمية التي يفضلها العملاء، يجب على البنوك التأكد من قدرة هذه التقنيات على تلبية الطلب، فقد اعتاد العملاء على استخدام القنوات الرقمية التي تمتاز بخدمات مصرفية متنوعة مثل القيام بعمليات الدفع والإيداع بسرعة، وخدمات التداول الذاتي التي يمكن الوصول إليها بأي وقت ومن أي مكان. ومن المتوقع أن يواصل الطلب على هذه الميزات والقدرات الرقمية الأخرى ارتفاعه، ويتعين على البنوك التأكد من جاهزيتها للتعامل مع هذا الارتفاع.

وتتيح التكنولوجيا السحابية للبنوك القدرة على تحسين خدماتها وتعزيز مستويات المرونة والسرعة كاستجابة لهذا الطلب المرتفع، الأمر الذي يشمل أيضاً إمكانية معالجة مخاوف العملاء بسرعة وكفاءة. كما تتيح التكنولوجيا السحابية للبنوك الاستجابة بسرعة أكبر للاحتياجات المتغيرة لعملائها من خلال توفير تجربة متناغمة وبسيطة يمكن الوصول إليها عبر جميع قنوات الخدمة.

ويمكن للبنوك وضع الأسس الصحيحة لاستراتيجيتها الرقمية من خلال تحديد طرق المشاركة الرقمية الأكثر أهمية بالنسبة للعملاء، والعمل على رفع مستوى الإمكانات لمواكبة الطلب، ويمكنهم بعد ذلك تطوير تجارب مصممة خصيصًا لتواكب احتياجات عملائهم.

  • تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي التنبؤية لتقديم تجارب مصرفية شخصية

بمجرد تحديد التجارب المفضلة للعملاء، فإن المرحلة التالية في تطوير استراتيجية رقمية شاملة تتمثل في تمكين المشاركة التنبؤية باستخدام الذكاء الاصطناعي. يستخدم التوجيه التنبؤي المستند إلى الذكاء الاصطناعي القدرات التنبؤية لفهم النية، وإعادة التوجيه لاتخاذ الخطوة التالية الأمثل في تجربة تواصل العملاء مع البنك، وتمكين وكلاء الخدمة من الاستجابة اللازمة لتحقيق نتائج إيجابية.

ومن خلال توفير تجربة شخصية ومخصصة بالكامل، ستتمكن البنوك من تأكيد حرصهم على سماع وفهم متطلبات العملاء والتعامل مع مخاوفهم على الوجه الأمثل.

  • الاستثمار في المستقبل الرقمي

تحرص المؤسسات المصرفية في المنطقة على الاستثمار بشكل كبير في القدرات الرقمية بهدف بناء قاعدة العملاء والاهتمام بها. وتعتبر الحلول السحابية عاملاً رئيسياً لتحقيق هذه الأهداف فهي تتيح للبنوك والمؤسسات المصرفية تطوير الابتكارات الرقمية وتجربتها، كتجربة عمليات النشر الجديدة واختبارها قبل اعتمادها للاستخدام على المدى الطويل، الأمر الذي يمنح البنوك المرونة والسرعة في تطوير خدمات وتطبيقات جديدة في المستقبل، ويمكنها من الاستجابة والتكيف بسهولة مع الاحتياجات المختلفة للعملاء.

ومع استمرار التطور والتغير في توقعات العملاء، تحتاج البنوك إلى استخدام التكنولوجيا المناسبة، وتحتاج لإيجاد إستراتيجيات مصرفية رقمية قوية قائمة على السحابة لضمان توفير تجارب وخدمات مصرفية استثنائية للعملاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى