د. إيمان السري تكتب: علاقة المرأة بالرجل وفهم الحقوق والواجبات لصناعة علاقة ناضجة

العلاقة بين الرجل والمرأة ليست فقط رابطة اجتماعية أو عاطفية، بل هي منظومة متكاملة من القيم والواجبات التي تؤسس لحياة مستقرة وأسر متوازنة. ويتطلب نجاحها وبلوغ النضج فيها فهماً عميقاً لحقوق كل طرف وواجباته، وفق منهج يحترم الفطرة ويعزز المسؤولية المشتركة.
أولاً: الجانب الديني
في الإسلام، العلاقة بين الزوجين تقوم على المودة والرحمة والتكامل، لا التسلط أو النزاع.
قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} (الروم: 21)
وقد أوصى النبي ﷺ بالنساء خيرًا، فقال: “استوصوا بالنساء خيرًا” (رواه البخاري ومسلم)
وأيضًا: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي” (الترمذي)
وبذلك، فإن العلاقة الناضجة شرعًا تقوم على التفاهم والتكامل، لا على التصارع أو فرض السيطرة.
ثانيًا: الجانب التربوي
العلاقة بين الزوجين تُعد البيئة الأولى لتنشئة الأبناء على القيم. فالأسرة المتوازنة تمنح الأطفال نموذجًا حيًا في الحوار، الاحترام، وتحمل المسؤولية.
التفاهم بين الزوجين يعلّم الأبناء كيف يُعبّرون عن أنفسهم دون عنف، ويزرع فيهم القدرة على بناء علاقات صحية مستقبلًا.
كما أن القدوة التي يقدمها الوالدان في سلوكهما اليومي تُعد من أقوى الوسائل التربوية التي تؤثر في شخصية الطفل.
ثالثًا: الجانب الاجتماعي
علاقة الرجل بالمرأة هي حجر الأساس في بناء مجتمع سليم. فكل علاقة زوجية قائمة على الاحترام والعدل، تسهم في تكوين نسيج اجتماعي مستقر. أما الخلل فيها، فينعكس على تفكك الأسرة، ويؤدي إلى ظواهر اجتماعية خطيرة كالعنف والطلاق والتفكك السلوكي.
المجتمعات الواعية تساند بناء علاقات زوجية ناضجة من خلال التثقيف والإعلام والدعم المجتمعي، لأن الاستقرار الأسري ينعكس إيجابًا على الصحة النفسية والاقتصادية والتعليمية للمجتمع بأسره.
أسس التفاهم والاحترام في العلاقة الزوجية
- التواصل الصادق والفعّال: الحوار المفتوح والشفاف بين الزوجين يبني جسور التفاهم، ويحلّ المشكلات قبل تفاقمها، ويُعزز القرب العاطفي.
- الاحترام المتبادل: تقدير كل طرف لآراء ومشاعر الآخر، وعدم التقليل من شأنه أو التعدي على خصوصياته، هو حجر الزاوية لعلاقة صحية.
- الثقة والصدق: الأساس الذي يقوم عليه الزواج الناجح، فالثقة تعطي الأمان، والصدق يمنع الشكوك وسوء الفهم.
- الصبر والتسامح: الزواج رحلة تحتاج إلى الصبر على عيوب الآخر والتسامح مع الأخطاء، لتجنب تراكم الأحقاد والاستياء.
- المرونة والتكيف: القدرة على التكيف مع تغيرات الحياة والظروف المختلفة تعزز استقرار العلاقة وتجعلها أكثر متانة.
- الاهتمام والحنان: إظهار الحب والاهتمام المستمر، من خلال الكلمات والأفعال، يزيد من دفء العلاقة ويجعل الطرفين يشعران بالتقدير.
- فهم واحترام حاجات ورغبات الطرف الآخر: فهم واحترام حاجات ورغبات الطرف الآخر بلباقة ورفق، مع المحافظة على الخصوصية والكرامة.
- التقدير المتبادل: الاعتراف بجهود الشريك ومساهماته، والامتنان لها، يعمّق المحبة ويزيد الترابط.
هذه الأسس المتينة تضمن علاقة زوجية قائمة على المحبة والتفاهم، وتساهم في بناء حياة مستقرة وسعيدة للطرفين.
خاتمة:
إن بناء علاقة ناضجة بين الرجل والمرأة يتطلب وعيًا دينيًا، نضجًا تربويًا، وفهمًا اجتماعيًا، ليُثمر عن أسرة مستقرة وأبناء أصحاء ومجتمع متماسك.




