أخبـار

مصطفى ناصف: المؤسسات تحتاج إلى منظومة متكاملة لإدارة المخاطر

بعد حريق سنترال رمسيس

قال مصطفى ناصف، الخبير الدولي في مجال الحوكمة والمراجعة، إن حادث الحريق الذي اندلع في سنترال رمسيس بالقاهرة في 7 يوليو 2025 يمثل درسًا بالغ الأهمية للمؤسسات الخدمية الكبرى، حول أهمية وجود منظومة فعالة لإدارة المخاطر. أكد ناصف أن ما حدث لم يكن مجرد خلل تقني عارض، بل كان كاشفًا لثغرات حقيقية في الاستعداد للأزمات.

وأضاف ناصف أن الحريق، الذي أدى إلى تعطل جزئي في خدمات الاتصالات والإنترنت وتأخير بعض الخدمات الحكومية الحيوية، يجب أن يُقرأ من زاوية أوسع تتعلق بمدى جاهزية المؤسسات للتعامل مع الكوارث من خلال خطط استباقية واستجابات مرنة.

وأشار إلى أن إدارة المخاطر تُعرّف بأنها عملية مستمرة لتحديد المخاطر وتحليلها ووضع خطط للتعامل معها أو التخفيف من آثارها. مؤكدًا أن جوهر هذه المنظومة يتمثل في “الوقاية خير من العلاج”، وليس مجرد الاستجابة بعد وقوع الكارثة.

وتابع: “لو تم تطبيق منهج علمي متكامل لإدارة المخاطر في سنترال رمسيس، لكان من الممكن تقليل حجم الخسائر أو حتى تجنب الحادث بالكامل”.

محاور رئيسية لإدارة المخاطر

أوضح ناصف أن هناك 4 محاور رئيسية كان من شأن تفعيلها أن يُحدث فارقًا كبيرًا في الحد من آثار الحريق:

  1. الصيانة الوقائية والإنذار المبكر: أشار إلى أهمية وجود خطة صيانة دورية صارمة للأجزاء الحيوية، مثل كابلات الكهرباء وأجهزة التبريد. مؤكدًا أن حساسات حرارية متصلة بأنظمة إنذار ذكية كان يمكنها رصد أي تغير حراري مبكر وإطلاق إنذار قبل اشتعال الحريق.
  2. خطط استمرارية الأعمال والتعافي من الكوارث: لفت إلى أن المؤسسات التي تقدم خدمات اتصالية يجب أن تمتلك خططًا واضحة لاستمرارية الأعمال (BCP)، تتضمن وجود مراكز بيانات احتياطية تعمل بشكل متزامن لتفادي توقف الخدمة في حال تعطل المركز الرئيسي.
  3. خطط الإخلاء والتدريب: بيّن أن تأخر عمليات الإخلاء والتعامل مع الإصابات في الحادثة يشير إلى نقص في التدريبات الدورية وخطط الطوارئ. شدد على أهمية تمارين الإخلاء ومسارات الهروب الواضحة وتوعية العاملين بأدوارهم.
  4. التأمين وإدارة المخاطر المالية: قال ناصف إن إدارة المخاطر لا تقتصر فقط على الجوانب التقنية، بل تشمل أيضًا وجود برامج تأمين شاملة تغطي الأضرار الناتجة عن تعطل الخدمات أو تلف المعدات، مما يضمن سرعة التعافي دون ضغط مالي.

ثقافة مؤسسية لا مجرد وثائق

أكد ناصف أن الدرس الأهم من هذه الحادثة هو أن إدارة المخاطر ليست مستندًا يُعتمد لتلبية متطلبات الرقابة فقط، بل هي ثقافة مؤسسية متجذرة تبدأ من القيادة العليا وتمتد إلى جميع العاملين.

وقال: “كثير من المؤسسات تمتلك وثائق تفصيلية لإدارة المخاطر، لكنها تبقى حبرًا على ورق ما لم تكن مدعومة بتطبيق فعلي وتدريب مستمر، ووعي حقيقي بأن إدارة المخاطر جزء من دورة العمل اليومية”.

خارطة طريق لإدارة المخاطر الفعالة

وفي ختام حديثه، قدّم ناصف خارطة طريق للمؤسسات الراغبة في بناء منظومة فعالة لإدارة المخاطر، تشمل:

  • تشكيل لجان مختصة تضم ممثلين عن جميع الإدارات.
  • تحديد وتحليل المخاطر بناءً على بيانات تاريخية وسيناريوهات مستقبلية.
  • تطوير خطط استجابة وتحديد المسؤوليات وخطوط الاتصال.
  • إجراء اختبارات دورية للمعدات وأنظمة الإنذار.
  • تدريب العاملين بانتظام على خطط الطوارئ والإخلاء.
  • مراجعة وتحديث الخطط بشكل دوري وفقًا للتطورات التقنية والتوسعات المؤسسية.

واختتم ناصف تصريحه قائلاً: “إدارة المخاطر لم تعد ترفًا تنظيميًا، بل أصبحت أداة أساسية لضمان الاستمرارية وحماية الخدمات الحيوية، خصوصًا في عالم سريع التغير مليء بالمفاجآت”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى