الألعاب السحابية تنتظر نموًا كبيرًا في المستقبل
لا يزال قطاع الألعاب السحابية في بداياته، إلاّ أن الأنظار اتجهت إلى هذا النوع من المنصات التي تشبه نموذج نتفليكس، لكنها تعنى بألعاب الفيديو، منذ أن قررت هيئة المنافسة والأسواق البريطانية هذا الأسبوع وقف صفقة استحواذ “مايكروسوفت” على شركة ألعاب الفيديو الأمريكية “أكتيفيجن بليزرد”.
وفيما يأتي لمحة عن هذا القطاع الذي يُتوقع أن يشهد نمواً قوياً في السنوات المقبلة.
توفر “ألعاب الفيديو السحابية” أو ما يسمى بالإنكليزية “كلاود جايمينج” (cloud gaming) إمكانية ممارسة لعبة على أي شاشة (كمبيوتر شخصي أو هاتف ذكي أو تلفزيون متصل وسوى ذلك)، من خلال اشتراك عبر الإنترنت، من دون الحاجة إلى امتلاك النسخة المادية من اللعبة.
تُعالَج الألعاب على خوادم معلوماتية مِن بُعد (“سحابية”) وتُنقَل مباشرة إلى جهاز المستخدم، لكي يتمكن من اللعب بسلاسة.
ويعود بروز “الألعاب السحابية” إلى توافر الإنترنت العالي السرعة، وأبلغ مثال على نجاح الاستغناء عن النسخ المادية من الألعاب يتجسد في ظاهرة “فورتنايت”، إحدى أكثر ألعاب الفيديو شيوعاً في العالم، إذ يبلغ عدد مستخدميها نحو 200 مليون لاعب، ولا يمكن اللعب بها إلا من خلال منصة مخصصة لها عبر الإنترنت.
تتوقع شركة “نيوزو” المتخصصة في بيانات قطاع ألعاب الفيديو أن يصل حجم سوق “الألعاب السحابية” إلى 8,17 مليارات دولار سنة 2025، أي ما يزيد عن ثلاثة أضعاف ما كان عليه عام 2022 (2,38 مليار دولار).
ورغم إمكانات النمو الكبيرة هذه، لا يزال هذا القطاع محدوداً وفي بداياته في سوق ألعاب الفيديو العالمية التي تقدّر شركة “أكسنتشر” الاستشارية حجمها بأكثر من 300 مليار دولار.
ويُتوقع أن يتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات تقريباً سنة 2025 ليصل إلى 86,9 مليون لاعب، بحسب “نيوزو”.
تفيد بيانات هيئة المنافسة والأسواق البريطانية بأن “مايكروسوفت” تمتلك راهناً ما بين 60 و70 في المئة من خدمات الألعاب الرقمية العالمية غير المادية، ويبلغ عدد المشتركين 25 مليوناً في خدمتها “جايم باس” (Game Pass) التي تتيح اللعب غير المحدود في أكثر من مئة لعبة لقاء بدل اشتراك شهري قدره نحو عشرة دولارات.
ومع أن “سوني” و”نينتندو” أطلقتا خدمتين مماثلتين، فإن ما توفرانه بعيدة جداً مما توفره المجموعة الأمريكية من حيث قائمة الألعاب المتاحة وقوة البنية التحتية “السحابية”، على ما يوضح لوكالة فرانس برس الخبير الاقتصادي المتخصص في الصناعات الثقافية جوليان بيّو.
ودخلت شركات التكنولوجيا العملاقة الأخرى بدورها هذا المجال على غرار “أمازون” (خدمة “لونا”) و”جوجل” (خدمة “ستايديا”) لكنها لم تحقق بعد نجاحاً مماثلاً.
ويلاحظ جوليان بيّو أن “أمازون” التي تمتلك منصة البث الحيّ لألعاب الفيديو ذات الشعبية الكبيرة “تويتش” والتي تحتل الصدارة في مجال الحوسبة السحابية العالمية، لا تُعتبَر جهة تمتع “بصدقية صناعية” في مجال ألعاب الفيديو.
وفي سبتمبر 2022، أغلقت “جوجل” منصتها “ستايديا”، بعد ثلاث سنوات فقط من إطلاقها، بسبب نقص الألعاب الجذابة.
ومن بين الجهات الأخرى “نفيديا” (“جي فورس ناو”) و”آبل” (“أركايد”) و”نتفليكس” لألعاب الهاتف المحمول.
رغم قرار هيئة المنافسة والأسواق البريطانية منع هذه الصفقة التي تبلغ قيمتها مبلغاً قياسياً هو 69 مليار دولار، لا يتوقع الخبراء تداعيات كبيرة على قطاع “الألعاب السحابية”.
ويرى المحلل في “نيوزو” توم ويجمان في تصريح لوكالة فرانس برس أن هذا الأمر “قد يؤثر بشكل طفيف على رغبة +مايكروسوفت+ بالاستثمار في خدمتها، لكن الاستحواذ على +أكتيفيجن بليزرد+ لم يكن شرطاً مسبقاً لوجود ألعاب +أكتيفيجن+ على +جايم باس+”.
ولا تسمح “أكتيفيجن بليزرد” حالياً ببث ألعابها مثل “كول أوف ديوتي” الواسعة الشعبية من خلال خدمة “ألعاب سحابية”.
لكن “من غير المحتمل” أن تبقى الحال على هذا النحو “في المستقبل القريب”، على ما يتوقع الأستاذ في “يونيفرسيتي كوليدج لندن” جوست ريتفيلد.
إلا أنه يضيف “لا تزال الألعاب السحابية جزءاً بسيطاً من قطاع الألعاب ككلّ. أعتقد أن هذا الاستحواذ يمكن أن يمنح هذا القطاع دفعاً إيجابياً”.