بالأرقام.. موريتانيا الأغلى عربيًا في أسعار المكالمات والإنترنت ومصر الأرخص
نتائج لافتة أسفرت عنها مقارنة لأسعار الاتصالات الهاتفية والإنترنت في الدول العربية حسب مؤشر “نيمبو” لتكلفة المعيشة، وهو من أبرز المؤشرات التي يستدل بها في التقارير الدولية والحكومية في مجالات ترتيب دول العالم في مجالات حيوية، مثل تكلفة المعيشة ومستوى الأمن والجريمة وغيرها، إذ تصدرت موريتانيا -وهي من أفقر دول المنطقة- قائمة أغلى الدول العربية من ناحية تكلفة الاتصالات الهاتفية والإنترنت، في المقابل احتلت مصر صدارة قائمة أرخص دول المنطقة في أسعار المكالمات والإنترنت.
وعند استقراء الأسباب الكامنة وراء ارتفاع أو انخفاض تكلفة المكالمات والإنترنت في العالم ككل -وضمنه الدول العربية- تبرز بعض العوامل الأساسية التي تتحكم في تسعيرة هذه الخدمات نجملها في ما يلي:
- المنافسة في السوق: يؤدي وجود منافسة قوية بين شركات الاتصالات والإنترنت إلى منح العملاء مزيدا من الخيارات والأسعار التنافسية.
- حجم الاستهلاك: يمكن أن يتأثر السعر أيضا بحجم بيانات الإنترنت أو عدد الدقائق المستعملة.
- التكنولوجيا المستخدمة: يعتمد سعر الاتصالات على التكنولوجيا المستخدمة، إذ يمكن أن يؤثر نوع الشبكة وجودة الإشارة وسرعة الإنترنت على تسعيرة الخدمة.
- الضرائب والرسوم: تفرض العديد من الضرائب والرسوم على خدمات الاتصالات، والتي قد تؤثر في السعر النهائي للخدمة.
أسعار دقيقة مكالمات
يمكن تصنيف الدول العربية في ما يخص أسعار الاتصالات الهاتفية إلى 5 فئات:
- فئة الأكثر من دولار للدقيقة: موريتانيا.
- فئة تتراوح التكلفة فيها بين 20 سنتا ودولار: لبنان والإمارات.
- فئة تتراوح التكلفة فيها بين 10 سنتات و19 سنتا: قطر وفلسطين وعُمان والمغرب والسعودية.
- فئة تتراوح التكلفة فيها بين سنتين (0.02 دولار) و9 سنتات (0.09 دولار): العراق. والكويت والبحرين والسودان وتونس والجزائر وليبيا واليمن والأردن وسوريا.
- فئة خامسة تقل فيها تكلفة دقيقة المكالمة بكثير عن سنت واحد (0.006 دولار): مصر.
الاشتراك الشهري للإنترنت
تتوزع الدول العربية إلى 4 فئات هي:
- فئة تفوق فيها التكلفة 100 دولار: موريتانيا والإمارات.
- فئة تتراوح فيها التكلفة بين 60 و95 دولارا: السودان وقطر والسعودية وعُمان واليمن ولبنان وفلسطين والجزائر وسوريا.
- فئة ثالثة تتراوح فيها التكلفة بين 23 و53 دولارا: البحرين والعراق والأردن وليبيا والمغرب وتونس.
- فئة رابعة يقل سعر الاشتراك فيها عن 20 دولار شهريا (15.4 دولارا): مصر.
حالة موريتانيا
يشكو الموريتانيون منذ سنوات من الغلاء الفاحش لأسعار الاتصالات والإنترنت، والذي يترافق مع ضعف الخدمات، ومن أبرز سمات هذا الضعف انقطاع الشبكة في مناطق عديدة من البلاد، وضمنها العاصمة نواكشوط.
ويدفع الموريتانيون أسعارا لدقيقة المكالمات الهاتفية أكثر بـ4.2 مرات من اللبنانيين الذين يحتل بلدهم المرتبة الثانية، وأكثر بـ1683 مرة مقارنة بالمصريين، وعلى صعيد أسعار الإنترنت يدفع الموريتانيون مقابل الاشتراك الشهري أكثر من سكان الإمارات -التي تحتل المرتبة الثانية- بـ3%، وأكثر من المصريين بـ6.8 مرات.
وتسجل موريتانيا هذه المستويات المرتفعة في أسعار الاتصالات والإنترنت رغم أنها من أفقر الدول العربية دخلا (2166 دولارا سنويا للفرد)، في حين يصل الدخل السنوي للمصري إلى 3698 دولارا، ودخل اللبناني إلى 4136 دولارا حسب آخر أرقام البنك الدولي.
وقد نظمت في السنوات الماضية عدة احتجاجات أمام مقر السلطة المكلفة بالرقابة على شركات الاتصالات وغيرها في نواكشوط، وذلك للتنديد بغلاء الأسعار وضعف الخدمة المقدمة، سواء تعلق الأمر بالاتصال الهاتفي أو خدمات الإنترنت، ومن تلك الاحتجاجات ما نظمته الجمعية الموريتانية لحماية المستهلك في نوفمبر 2016.
ورغم أن السلطات الحكومية تفرض غرامات على شركات الاتصالات (3 شركات) بشكل دوري لمخالفتها شروط دفتر الالتزامات فإن قيمة هذه الغرامات لا تقارن بما تجنيه هذه الشركات من إيرادات، كما أنها أقل بكثير مما هو مطلوب منها لتطوير خدمات الاتصالات والإنترنت.
ويقول البنك الدولي في تقرير له صدر في ديسمبر 2022 إن موريتانيا تعاني من محدودية في خدمات الاتصالات الدولية، وهو ما يفسر التكلفة المرتفعة لخدمات الإنترنت وانخفاض جودتها.
ويضيف التقرير أن معدل انتشار إنترنت النطاق العريض لا يتجاوز 3%، ويبلغ عدد مستخدمي الإنترنت في البلاد 41%.
ونبه إلى أن عدة مناطق في موريتانيا محرومة من خدمات الهاتف والإنترنت، وهو ما يتطلب تعزيز قدرات البلاد التنظيمية والمؤسسية لتلبية تنامي الطلب على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ويشير البنك الدولي إلى أن استثمارات مقدمي خدمات الاتصالات والإنترنت محدودة للغاية.
حالة مصر
يدفع المصري سعرا لدقيقة الاتصالات الهاتفية أرخص من السوري بـ3.3 مرات، علما بأن سوريا هي ثاني أرخص دولة عربية في تكلفة المكالمات، كما يدفع المصري أدنى من نظيره اللبناني بـ40 مرة والذي يحتل بلده المرتبة الثانية ضمن أغلى الدول العربية في أسعار الاتصالات.
وعلى صعيد تكلفة الاشتراك الشهري للإنترنت تقل الأسعار في مصر مقارنة بتونس (ثاني أرخص دول عربية) بـ32.7%، وتقل عن مستوياتها في موريتانيا بـ6.8 مرات، وبـ6.6 مرات مقارنة بالأسعار في دولة الإمارات.
ومن أهم العوامل التي تقف وراء تدني تكلفة الاتصالات الهاتفية والإنترنت في أكثر الدول العربية سكانا (قرابة 110 ملايين نسمة) الكثافة السكانية التي تتيح إيرادات كبيرة لشركات الاتصالات والإنترنت وتدفعها إلى تقديم عروض أسعار متدنية، فضلا عن حجم الاستهلاك، إذ توجد في مصر أزيد من 120 مليون شريحة للهواتف المحمولة، وهو ما يفوق عدد سكان البلاد.
وتدفع ضخامة سوق المستهلكين في مصر شركات الاتصالات إلى تقديم عروض تنافسية على باقات الاتصالات والإنترنت، فكل الشركات المتنافسة (4 شركات) تتيح باقات مكالمات تقل فيها تسعيرة الدقيقة كلما زاد حجم الاستهلاك.
وثمة عنصر آخر يسهم في خفض تكلفة الاتصالات الهاتفية والإنترنت في مصر، وهو أن البلاد توجد فيها العديد من الشركات التي تصنع أجهزة الاتصالات والإنترنت وتزود البلاد بالبنية التحتية اللازمة، مما يسهم في تحسين كفاءة القطاع وخفض التكاليف.
ويقول البنك الدولي إن مصر تتوفر على واحد من أكثر قطاعات الاتصالات تطورا في المنطقة، فهو يساهم بنسبة 4% من حجم اقتصاد البلاد، وتصنف البلاد ضمن 3 دول عربية هي الأرخص من ناحية أسعار خدمات الاتصالات الثابتة والجوال، إذ يمثل سعر غيغابايت واحد من الإنترنت الجوال عريض النطاق 0.2% من الناتج المحلي الإجمالي حسب الفرد، في حين تصل النسبة في عموم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 3%.
ويمثل سعر الإنترنت عريض النطاق الثابت 3.3% من الناتج المحلي الإجمالي حسب الفرد مقابل 8% في المنطقة.