أخبـار

إطلاق تقرير «قرارات حاسمة أمام قادة الحكومات في عالم متغير»

أكد محمد عبد الله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات، أن دولة الإمارات بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، ترسخ مكانتها كداعم لجهود الحكومات للاستعداد للتحولات المهمة واتخاذ القرارات الحاسمة التي تسهم في صياغة مستقبل أفضل للشعوب، مشيراً إلى أن حكومة الإمارات حريصة على تجسيد رؤى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الهادفة إلى مشاركة العالم في جهود تعزيز جاهزية الحكومات لاستشراف اتجاهات العقد المقبل.

جاء ذلك خلال إطلاق مؤسسة القمة العالمية للحكومات تقريراً معرفياً بعنوان: “قرارات حاسمة أمام قادة الحكومات في عالم متغير”، أعدته بالشراكة مع المعهد الوطني للتحولات – كيرني الشرق الأوسط، ضمن أعمال الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، حيث يحدد التقرير أربعة محاور رئيسية يرتكز عليها عالم اليوم بالنسبة للحكومات.

وأضاف القرقاوي إن الواقع الحالي يختلف تماماً عن العالم ما قبل جائحة “كوفيد-19″، ففيه تدخل الحكومات عقداً جديداً من المتغيرات المتسارعة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والصحية، ما يتطلب تعزيز التفكير الاستراتيجي الاستباقي، وتطوير الخطط الشاملة لتصميم سياسات المستقبل وتطويرها بما يتناسب مع التطورات العالمية.

وقال القرقاوي أن تقرير “القرارات الحاسمة” يمثل جهداً معرفياً هادفاً لدعم حكومات المستقبل بمواجهة تحديات الغد، ويعكس دور مؤسسة القمة العالمية للحكومات الرائد في إلهام حكومات المستقبل وتعزيز القدرة على الاستشراف والتعامل منذ اليوم مع تحديات المستقبل، من خلال التركيز على أبرز التحديات التي تمكّن صناع القرار من الاستعداد وتعزيز الجاهزية والمرونة الحكومية للتعامل معها وتسريع التطور نحو الأعوام المقبلة.

تغييرات جذرية وتحديات غير مألوفة

واستعرض التقرير التغييرات الجذريّة التي تزامنت مع تحديات غير مألوفة مثل التغيرات المناخية والأمن السيبراني وارتفاع الديون العامة بحيث تحتاج إلى نمط جديد من التعامل معها، ويتطلب مقاربة مختلفة لاتخاذ القرارات الحاسمة، والاستعداد لحالات الطوارئ عبر تقريب وجهات النظر مع الجهات الفاعلة واستباق التحديات العالمية، إلى جانب استشراف مستقبل الذكاء الاصطناعي.

ويركز التقرير على أربعة أبعاد رئيسية تؤثر على عملية اتخاذ القرار، تشمل: الصدمات الاستراتيجية وفيها متغيرات مفاجئة ومتسارعة تؤثر على المجتمعات وتدخل في منظومة العمل الحكومي، والانقسامات المتزايدة التي تؤكد ضرورة تحقيق التوازن لتنظيم القطاعات الجديدة، والتوجهات التحوّلية التي تحتاج إعادة هندسة النظم الحكومية من خلال الاستعانة بالعوالم الجديدة، إضافة إلى مسرعات السياسات التي تحتم على الحكومات تسريع وتيرة التشريعات الحكومية والسياسات لمواصلة التطور المستقبلي.

رودلف لومير: التقرير يوفر نظرة متكاملة للقادة وصناع القرار لإحداث التأثير وتحقيق النتائج

من جهته، قال رودلف لومير، شريك ومدير معهد التحولات الوطنية – كيرني الشرق الأوسط: “في الفترات التي تتسم بالتقلب والتغيير، تؤدي القرارات التي تم اتخاذها – أو التي لم يتم اتخاذها – إلى نتائج ذات تأثير كبير على المدى البعيد. يقدم التقرير الذي تم إطلاقه بالشراكة مع مؤسسة القمة العالمية للحكومات نظرة متكاملة للقادة، وصناع القرار ليتمكّنوا من إحداث التأثير المطلوب والوصول إلى النتائج المرغوبة من خلال اتخاذ القرارات الاستباقية المطلوبة في الوقت المناسب، وفي بعض الحالات، تسهم القرارات والإجراءات المبكرة في تجنب الأزمات أو بناء المرونة المطلوبة للتصدي لها. وفي العديد من الحالات الأخرى، تتيح المبادرة في اتخاذ القرار الحاسم استغلال الفرص لتحقيق مزايا استراتيجية.”

تحديات رئيسية أمام صنّاع السياسات

ويشمل “بُعد الصدمات الاستراتيجية”، خمس تحديات رئيسية لابد على صناع القرار في الحكومات التنبه والاستعداد لها، وهي: تحدي التضخم، وموجات الهجرة الجماعية، وأزمة الطاقة، والحمائية الغذائية، إضافة إلى الصراعات الدولية التي ظهرت خلال العام الجاري.

ولفت التقرير إلى أن ما يواجهه صّناع السياسات في جميع أنحاء العالم من تحديات رئيسية، تتمثل في كيفية احتواء التضخم المتزايد، من دون عرقلة نمو العمالة في مختلف المجتمعات. إذ إن التحدي المركزي يكمن في أن التعديلات المالية المطلوبة لإبطاء التضخم- قد تعرقل النمو في القطاعات الاقتصادية، التي ما زالت تتعافى من آثار جائحة كورونا المستجد وقد يؤدي التأخر في إيجاد حلول للتضخم، إلى تقويض توقعات السوق، التي ستسبب مخاطر عالية للركود التضخمي، إلى جانب ارتفاع أسعار السلع الأساسية.

ولفت التقرير إلى أن التطورات الجيوسياسية تفرز عدداً من التحديات أمام الحكومات، مثل موجات الهجرة الجماعية، التي يسببها عدم الاستقرار السياسي وانعدام الأمن الغذائي والكوارث المناخية وغيرها، داعياً قادة الحكومات الى ضرورة “تقييم القدرات التكيفية والاستيعابية لبلدانهم على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بشكل وقائي وتعزيزها بشكل استباقي، للاستعداد إلى أحداث قد تؤدي إلى الهجرة”.

نظام عالمي لتأمين الطاقة والغذاء

وتوقع التقرير أن يرتفع استهلاك موارد الطاقة الرئيسية عالميا بنسبة 50% بحلول العام 2050، ما يؤكد أهمية اتخاذ إجراءات عاجلة لتأمين أمن الطاقة على المدى القريب، مع المحافظة على المرونة على المدى البعيد، لتحسين آفاق الاستثمار الطويلة والتوزيع المتكافئ لمصادر الطاقة، وأضاف أنه يمكن للدول تعزيز مرونة الطاقة من خلال الشراكات، التي تدمج البنية التحتية للطاقة، وتبادل تقنيات التكنولوجيا وتسريع الاستثمار في الصناعات الإستراتيجية، واتباع منهجيات تضمن المرونة في أمن الطاقة وتعزيز الجاهزية للمستقبل.

وأشار التقرير الى أن أهمية النظر في ظل الظروف الراهنة لضمان الارتقاء بالأمن الغذائي على مستوى العالم في العقود المقبلة من خلال تعزيز الشراكات التي تدعم سلاسل الإمدادات الغذائية وتسهّل إيراد المواد الغذائية الرئيسية كالقمح والشعير والذرة والسلع الزراعية والمواد الغذائية الأخرى.

الانقسامات المتزايدة

ويشمل البعد الثاني الذي يتناوله التقرير، الانقسامات المتزايدة، وفيه عدد من التحديات الرئيسية، تتضمن: الثقة في الحكومات، والتوازن بين احترام الحريات وحفظ النظام، وإدارة الديون، وتعقيدات فرض العقوبات، إضافة إلى النظام المالي بين العملات الرقمية والعملات المشفّرة.

وركز التقرير على ضرورة تنظيم العملات المشفرة، وتحقيق التوازن بين دورها في النظام المالي مقارنة مع العملات التقليدية والعملات الرقمية للمصارف المركزية، ما يتطلب من قادة الحكومات التعاون وإيجاد حلول لمعالجة ديون الحكومات والشركات والعمل على أطر مؤسسية وتنظيمية وسياسية متماسكة لوضع استراتيجيات تهتم بالأولويات الوطنية وتسعى إلى حل التفاضل بين الابتكار المالي من ناحية، وبين الاستقرار المالي والإنصاف والعدالة من ناحية أخرى.

تعزيز الثقة في الحكومات

ولفت التقرير إلى أهمية تعزيز الثقة بين الحكومات ومواطنيها بعد تأثيرات الجائحة وقدرة الحكومات على التعامل مع تداعيات الجائحة لزيادة مستوى الثقة بالحكومات لنسبة أكثر من %65 والتي حققها العالم عام 2020، وضمان تقدم الحكومات في نيل الثقة عن الشركات والمنظمات غير الحكومية.

وأشار إلى أهمية دور الحكومات في تطوير مناهج مبتكرة تعزز الثقة بها، في مجالات مثل تنظيم الميتافيرس، وسباق استكشاف الفضاء، وإدارة البيانات والذكاء الاصطناعي لدعم مبادئ استشراف المستقبل في صنع القرار والاستجابة للتحولات الكبرى في أنماط وأسواق العمل وضمان أمن المجتمع.

التوجهات التحوّلية

وأكد التقرير في البعد الثالث الذي يركز على التوجهات التحوّلية، ضرورة التدخل الحكومي في إيجاد حلول للتحديات التي تشمل شبكات الجرائم السيبرانية، والشفافية أثناء الحروب، وحوكمة الميتافيرس، والرقابة على شركات التكنولوجيا، والاستجابة للتحديات منخفضة التكلفة، إضافة إلى تنظيم المنافسة الفضائية.

وتناول التقرير أهم التحديات التي يواجهها النمو الاقتصادي الرقمي العالمي، مع التطورات والتوسع الرقمي، وأهمية حماية البيانات والأنظمة الحكومية من التأثيرات الخارجية، وتعزيز التكامل والتعاون لتبني التشريعات الدولية، واتخاذ إجراءات حاسمة للتعاون في سبيل مكافحة الجرائم التقنية.

ولفت إلى تزايد أهمية عالم المتيافيرس، الذي يقدر حجم سوقه بـ 800 مليار دولار أمريكي عام 2024، وسيصبح أكبر، بحيث يسكن فيه الأفراد ويشاركون في التفاعل الاجتماعي والنشاط الاقتصادي على نطاق واسع، بحيث تتغير حياة الأفراد تماماً كما حصل مع بداية دخول عالم الإنترنت، وأكد أن من المتوقع أن يقضي 25% من الأفراد ساعة واحدة يومياً في عالم الميتافيرس بحلول عام 2026.

وأشار إلى أن شركات التكنولوجيا تعيش نمواّ مضطرداً، لتصبح نظاماً رقمياً متكاملاً يغطي القطاعات، وتتجاوز الهيئات التنظيمية، ما يتطلب تحرك الحكومات السريع للعمل معها، وتحديد مسارات العمل، حيث اتبعت عدد من الدول والحكومات هذه المسارات خلال الأعوام الماضية، إذ بدأت 38 دولة الإصلاحات التي تؤثر على شركات إدارة البيانات، فيما اقترحت 21 دولة العمل للدفاع عن المنافسة.

ويركز البعد الثالث على ضرورة تطوير بنية أمنية للمحافظة على القدرة التحويلية للفضاء، بما يضمن تنظيم المنافسة في هذا القطاع الحيوي، والذي من المتوقع أن يصل حجمه إلى تريليون دولار بحلول العام 2040، فيما بلغ الاستثمار الخاص في شركات البنية التحتية الفضائية خلال عام 2021، نحو 14.5 مليار دولار أمريكي، بزيادة بلغت 50% عن 2020.

مسرّعات السياسات

ويركز البعد الرابع للتقرير على مسرّعات السياسات ودورها في تمكين الحكومات من تسريع وتير التشريعات والسياسات التي تضمن التقدم، وإيجاد حلول للتحديات التي تشمل: اللامركزية في صناعة القرار، التحفيز الوظيفي، والضرائب الرقمية، وتكنولوجيا مكافحة الفساد، وإدارة الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى الوفاء بالالتزامات المناخية.

وأفاد التقرير بأن سوق العمل شهد تغيرات عديدة خلال السنوات القليلة الماضية، والتغييرات الاقتصادية التي نتجت عن جائحة كوفيد-19، حيث تغيرت أولويات الموظفين، واهتمامهم بضرورة الموازنة بين العمل والحياة، ما انعكس على مغادرة الكثير منهم لأعمالهم، حيث شكّل هؤلاء الأفراد ثلثي الأشخاص الذين استقالوا خلال 2021، لرغبتهم في تعزيز مرونة أعمالهم، فيما يرغب 73% من الأفراد في الحصول على خيارات العمل عن بعد.

كما أشار التقرير الى تحديات تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة، وتحديداً المعنية بتغير المناخ، وأهمية دور قادة الحكومات في العمل مع الشركات الكبرى المسؤولة عن نسب كبيرة من الانبعاثات والعمل بشكل تعاوني لتسريع تصفير الانبعاثات الكربونية.

ولفت إلى أن النمو الهائل الذي شهدته الشركات ومؤسسات القطاع الخاص، تحتاج إلى إعادة تصميم السياسات الضريبية، الأمر الذي يدركه قادة الحكومات، وبالفعل شهد العام 2021 تقدماً كبيراً عندما أقر أعضاء مجموعة العشرين على حل ثنائي وخطة تنفيذ لمواجهة تحديات الضرائب الرقمية، وخصوصاً أنه تم تقدير قيمة الاقتصاد الرقمي بنحو 15.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بنمو بلغ 2.5 مرة أسرع من الناتج الحلي الإجمالي العالمي خلال الـ15 عاماً الماضية.

بناء أسس المستقبل

وقدّم التقرير عدداً من التوصيات ونقاط اتخاذ القرارات للحكومات، بما يضمن تعزيز الشراكات مع مختلف القطاعات والشركات والمؤسسات الرائدة والتكنولوجية في القطاع الخاص، بما يضمن تطوير العمل الحكومي ودفعه باتجاه مرحلة جديدة وتجاوز التحديات من خلال قيادة الجهود الحكومية بفاعلية أكبر والاستعداد لمختلف السيناريوهات المستقبلية.

ويسهم التقرير في تسليط الضوء على أهم الحلول التي يمكن أن تتبناها الحكومات، من خلال بناء ميزاتها الاستراتيجية وتعزيز المرونة وتسريع تطورها، بما يضمن بناء أسس المستقبل الذي يوفر كافة الاحتياجات، ويرقى لطموحات الأفراد.

يذكر أن دولة الإمارات تشارك بوفد رفيع المستوى في فعاليات الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي، يضم عددا من الوزراء والمسؤولين في الحكومة الاتحادية، وكبار المسؤولين في حكومة أبوظبي وحكومة دبي، فيما يتحدث 7 من الوزراء في حكومة دولة الإمارات في جلسات رئيسية تغطي أبرز القطاعات المستقبلية الحيوية.

ويركز المنتدى على 6 محاور رئيسية تشمل استعادة النظام العالمي والتعاون الإقليمي، وضمان التعافي الاقتصادي واستشراف حقبة جديدة من النمو، وبناء مجتمعات صحية وعادلة، وحماية المناخ ومصادر الغذاء والطبيعة، وقيادة التحول الصناعي، وتوظيف إمكانات الثورة الصناعية الرابعة.

منصة عالمية لصناعة المستقبل

الجدير بالذكر أن مؤسسة القمة العالمية للحكومات، استضافت ضمن أعمال القمة العالمية للحكومات 2022، التي تم تنظيمها في مارس الماضي تحت شعار “استشراف حكومات المستقبل”، أكثر من 4000 مشارك من مختلف أنحاء العالم، يشكلون نخبة المسؤولين الحكوميين، وقادة القطاعين الخاص والأكاديمي، والخبراء والمتخصصين، والمبتكرين لبحث التوجهات والمتغيرات العالمية، واستشراف المستقبل ضمن 110 جلسات رئيسية و15 منتدى عالمياً.

وركزت مؤسسة القمة العالمية للحكومات منذ إطلاقها، على تشكيل واستشراف حكومات المستقبل وبناء مستقبلٍ أفضل للبشرية، وساهمت في تأسيس منظومة جديد ة للشراكات الدولية القائمة على إلهام واستشراف حكومات المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى